التربية والتعليم ومبحث المقاربة بالكفائات بحث كامل


- مفهوم المقاربة:
المقاربة هي أسلوب تصور ودراسة موضوع أو تناول مشروع أو حل مشكل أو تحقيق غاية. وتعتبر من الناحية التعليمية قاعدة نظرية، تتضمن مجموعة من المبادئ، يستند إليها تصور وبناء منهاج تعليمي. وهي منطلق لتحديد الاستراتيجيات والطرق والتقنيات والأساليب الضرورية، والمقاربة تصور ذهني، أما الإستراتيجية فتتمثل في مجريات نشاط البحث والتقصي والدراسة والتدخل.[1]

المقاربة هي تصوّر وبناء مشروع عمل قابل للانجاز في ضوء خطّة أو إستراتيجية تأخذ في الحسبان كل العوامل المتداخلة في تحقيق الأداء الفعّال والمردود المناسب من طريقة ووسائل ومكان وزمان وخصائص المتعلم والوسط والنظريات البيداغوجية.[2]
3- معنى المقاربة بالكفاءات:
هي مقاربة أساسها أهداف معلن عنها في صيغة كفاءات يتم اكتسابها باعتماد محتويات منطقها الأنشطة البدنية والرياضية كدعامة ثقافية وكذا مكتسبات المراحل التعلمية السابقة، والمنهج(طرق التوصل والعمل) الذي يركز على التلميذ كمحور أساسي في عملية التعلم.
     تتحول هذه المكتسبات إلى قدرات ومعارف ومهارات تؤهل التلميذ للاستعداد لمواجهة تعلمات جديدة ضمن سياق يخدم ما هو منتظر منه في نهاية مرحلة تعلم معينة، أين يكون هذا النشاط دعامة لها(كفاءة مادوية=تكوين خاص).
كما يتضمن التعلم عملية شاملة تقتضي إدماج معلومات علمية وأخرى عملية تساعد في التعرف أكثر على كيفيات حل المشاكل المواجهة(كفاءة عرضية=تكوين شامل).[3]
يعتبر هذا المنهج التربوي حديثا، إذا ما قورن بالتعليم التقليدي الذي يعتمد على محتويات مفادها التلقين والحفظ، فمسعى هذه المقاربة إذن هو توحيد رؤية تعليم/التعلم من حيث تحقيق أهداف مصاغة على شكل كفاءات قوامها المحتويات، وتستلزم تحديد الموارد المعرفية والمهارية والسلوكية لتحقيق الملمح المنتظر(الكفاءة) في نهاية مرحلة تعلم ما.[4]            
3-1- لماذا المقاربة بالكفاءات؟
من الإشكاليات التي واجهت النظام التربوي في بلادنا- كغيره من الأنظمة التربوية في العالم- مشكلة تجزئة المعارف التي ميزت المناهج السابقة، إذ تضم في ثناياها قائمة من المفاهيم يجب على المتعلم تعلمها، وبعض المهارات عليه اكتسابها في كل مادة من المواد الدراسية، والنتيجة هي تراكم المعارف لدى المتعلم دون إقامة روابط بينها، مما يحول دون امتلاكه لمنطق الانجاز والاكتشاف، بعبارة أخرى، بجد نفسه يتعلم من أجل أن يتعلم ، وليس لفعل شيء ما أو تحليل واقع والتكيف معه استنادا على ما تعلمه.

وكحل لهذه الإشكالية، تم اعتماد المقاربة بالكفاءات كاختبار بيداغوجي يرمي إلى الارتقاء بالمتعلم، من منطق أن هذه المقاربة تستند إلى نظام متكامل ومندمج مع المعارف، الخبرات، والمهارات المنظمة والأداءات، التي تتيح للمتعلم ضمن وضعية تعليمية/ تعلميه انجاز المهمة التي تتطلبها تلك الوضعية بشكل ملائم.
ومن ثم، تغدو هذه المقاربة بيداغوجيا وظيفة تعمل على التحكم في مجريات الحياة بكل ما تحمله من تشابك في العلاقات وتعقيد في الظواهر الاجتماعية، وبالتالي، فهي اختيار منهجي يمكن  
المتعلم من النجاح في الحياة، من خلال تثمين المعارف المدرسية وجعلها صالحة للاستعمال في مختلف مواقف الحياة .
إن هذه المقاربة كتصور ومنهج منظم للعملية التعليمية/ التعلمية، تستند إلى ما أقرته النظريات التربوية المعاصرة وبخاصة النظرية البنائية التي تعد نظرية نفسية لتفسير التعلم وأساسا رئيسيا من الأسس النفسية لبناء المنهج المدرسي، الذي ينطلق من كون المعرفة:   
·  تبنى ولا تنقل.
·  تنتج عن نشاط.
·  تحدث في سياق. [5]
·  لها معنى في عقل المتعلم.
·  عملية تفاوضية اجتماعية.
·  تتطلب نوعا من التحكم. 
من هنا ، فالمناهج- من خلال مختلف المواد الدراسية- تستهدف تنمية قدرات المتعلم العقلية والوجدانية والمهارية ليصبح مع الأيام وبمرور المراحل الدراسية مكتمل الشخصية، قادرا على الفعل والتفاعل الايجابيين في محيطه الصغير والكبير، وعموما في حياته الحاضرة والمستقبلية، ولكي تكون المناهج في خدمة هذا التوجه، كان من الضروري التركيز على الكيف المنهجي بدلا من الكم المعرفي من خلال نظام الوحدات الذي يمكن المتعلم من التركيز على مضامين بعينها تتوفر فيها شروط التماسك والتكامل تمكن المتعلم من كيفية

الاعتماد على نفسه، وتفجير طاقاته، وإحداث تغيرات ضرورية في ذاته للتكيف مع حاجات طارئة، إنه مسعى يمكن المتعلم من اكتساب كفاءات ذات طبيعة مهارية وسلوكية تتكيف مع الواقع المعاصر سواء في عالم الشغل أو المواطنة أو الحياة اليومية.
هذا النوع من المناهج، يركز على بيداغوجيا الإدماج، باعتبارها مسار مركب يمكن من تعبئته المكتسبات أو عناصر مرتبطة بمنظومة معينة في وضعية دالة، قصد إعادة هيكلة تعلمات سابقة و تكييفها مع متطلبات وضعية ما لاكتساب تعلم جديد. ومن ثم، فالمنهاج المبني على هذه البيداغوجيا يقود المتعلم نحو تأسيس روابط بين مختلف المواد من ناحية، وربط هذه الأخيرة بخبراته وقيمه وكفاءاته وواقع مجتمعه من جهة أخرى. وعموما فإن المناهج ذات الطبيعة الإدماجية تعمل على جعل المتعلم:
·       يعطي معنى للتعلمات التي ينبغي أن تكون في سياق ذي دلالة، وفائدة بالنسبة له، وذات علاقة بوضعيات ملموسة قد يصادفها فعلا.
·       يتمكن من التمييز بين الشيء الثانوي والأساسي والتركيز على هذا الأخير كونه ذو فائدة في حياته اليومية أو لأنه يشكل أسسا للتعلمات التي سيقدم عليها.
·       يتدرب على توظيف معارفه في الوضعيات المختلفة التي يواجهها.
·       يركز على بناء روابط بين معارفه والقيم المجتمعية والعالمية، وبين غايات التعلمات، كأن يكون مثلا مواطنا مسؤولا، عاملا كفؤا، شخصا مستقلا.
·       يقيم روابط بين مختلف الأفكار المكتسبة واستغلالها في البحث عن التصدي للتحديات الكبرى لمجتمعه، وما يضمن له التجنيد الفعلي لمعارفه وكفاءاته.[6]
ولتمكن المتعلم مما سبق ذكره، يستلزم أنشطة تعلم ذات الخصائص الآتية:
-  اعتبار المتعلم محور العملية التعليمية/ التعلمية.
-  التركيز على إدماج الكفاءات المستعرضة في الأنشطة التعليمية/ التعلمية
-  الاهتمام بتنمية الأنشطة الفكرية والتحكم في توظيف المعارف
-  جعل المتعلم يوظف مجموع الإمكانات المتنوعة (معارف، قدرات، معارف، سلوكية)
-  إدماج التعلمات يقاس كما بعدد الأنشطة التي تتدخل في تحقيقه، ويقاس نوعيا بكيفيات تنظيم التعلمات.           

ولكي يتم انجاز النشاط بالشكل المأمول والعمل على تحقيق الهدف منه، على المدرس أن يتيح للمتعلم:
-  الانهماك الفعال، وذلك بتوفير الوقت الكافي للمتعلم لتأمين انخراطه في عمل يفضله ويرغب فيه، ويشعر بأنه يستجيب لحاجاته، أي وضعية يمارس فيها تعلمه بكيفية نشيطة، وموظفا طاقاته المختلفة.
-  الانغماس، من خلال توفير محيط مثل الوسائل المستهلة للقيام بالنشاط التعليمي المستهدف.
-  التملك، بمعنى جعل المتعلم يشعر بأنه صاحب النشاط التعلمي أو ما ينتج عنه، وذلك بحكم اختياره للنشاط في شكله ومحتواه.
-  النمذجة، بمعنى تمكين المتعلم من أن يرى توضيحا علميا من المدرس للكفاءات المستهدفة.           
-  الاستجابة المشجعة، أي أن أداء المتعلم يجب أن يتبعه رد من المدرس ليشعر بأنه محل رعاية واهتمام، وأن يكون الرد بناءا ومشجعا.
وهذا التعليم/ التعلم، يحتاج إلى طرائق تدريس نشيطة من بينها التدريس بالمشكلة، إذ يوضع المتعلم أمام وضعيات تعلم باعتبارها نشاطات معقدة تطور لديه روح الملاحظة، الإبداع، الفعل،
وبمعنى آخر انجاز مهمات مثل (كتابة رسالة شفهية أو كتابية، حل مشكل في الرياضيات...).[7]وتعتبر الوضعيات بمنظور بيداغوجيا الإدماج:
·  وضعيات للتعلم: فيها يقترح على المتعلم انجاز هدف خاص لدرس أثناء تعلمات منهجية تقوده إلى صياغة موضوع، فكرة، استنباط، تعريف، عرض قاعدة...الخ، وهذه الوضعيات تنمى من خلال نشاطات ملموسة تستجيب لحاجات المتعلم.
·  وضعيات للإدماج: بحيث تختبر أثناء مهلة توقف للمتعلم خلال التعلمات المنتظمة، هذه المهلة هي ما يطلق عليه "لحظة الإدماج" حيث أثناءها المتعلم بتجنيد مختلف المعارف، حسب الأداء، وعلى أساس لحظة الإدماج هذه وبناءا عليها يتم تطوير المعرفة السلوكية.



·  وضعيات للتقويم: ذلك أن وضعيات التقويم تماثل وضعيات الإدماج، إذ كلما حقق المتعلم نجاحا في عملية الإدماج، نال ما يعبر عن هذا النجاح، وأخيرا فأساليب التعليم والتعلم تغيرت، وبتغيرها أصبح دور المدرس يرتكز على مساعدة المتعلم باعتباره في قلب منظومة التعلم، إذ يقوم بتعلماته بنفسه اعتمادا على طرائق تدريس نشيطة تمكنه من تجاوز اكتساب الكفاءات، واكتساب قيم واتجاهات، والقدرة على التفكير المنطقي، وحل المشكلات وتقييم المفاهيم، والثقة بالنفس، والاستقلالية، وذلك هو الهدف الجوهري الذي تسعى إلى تحقيقه مختلف الأنظمة التربوية في العالم ومنها منظومتنا.[8]
3-2- دواعي اختيار المقاربة بالكفاءات:
عندما نطلب المتعلم القيام بمقارنة، فإن العملية أعقد من التعبير عن وجود الشبه والاختلاف بين عنصرين أو مفهومين بل هي تفاعل لعمليات معقدة تستخدم الذاكرة والتخيل جميعا في إدراك العلاقات تشابها واختلافا ثم إن المقارنة التي تجري في الصف بين حدثين تاريخيين على سلم زمني مثلا،  ليست هي المستهدفة بل المستهدف هو مواجهة وضعيات حياتية واجتماعية مماثلو خارج المدرسة تستدعي امتلاك آلية المقارنة التي يصبح بها التعلم إذا أثر طيب.[9]
إن ما قدمه التاريخ لنموذج المقارنة تقدمه بقية المواد بخصوصياتها المختلفة وعلى ذلك تتواطأ كل مواد المنهاج لصناعة هذا الجانب وتعزيزه عند الإنسان ليتحول الأداء عنده إلى أداء ماهر ودقيق وفعال ومتكيف مع كل الوضعيات، فالوضعية التعليمية التعلمية في القسم محاكاة للواقع بصورة مصغرة تتكرر للتغلب على مشكلات حياتية منتظرة بعد حياة التمدرس.
إن الإنسان يولد مزودا بقدرات واستعدادات وعلى المدرسة أن تعمل على تنميتها وتطويرها لتصل بها إلى غايتها، والقدرة التي لا توظف يمكن أن تضمحل مع الزمن، لذا توجب على المدرسة أن ترقي بالقدرات النظرية إلى مراقي الكفاءة والأداء الماهر والدقيق. وعليه ينبغي أن تركز المناهج الدراسية على الفرد وأن تعتبر المعرفة وسيلة لا غاية وأن


تستجيب لمتطلعات المجتمع وأن تنافس غيرها من المؤسسات وألا تعتبرالانسان مجرد آلة إنتاج.
وينبغي على المدرسة أن تعلم التلاميذ كيف يتعلمون بدلا من تقديم المعرفة عليها بتقديم آليات اكتساب المعرفة وبدلا من تراكم المعرفة مع الزمن يفضل بناؤها والتحكم في كفاءات تصلح لمرحلة ما بعد المدرسة لمواجهة مشكلات الحياة.
وتتلخص دواعي استعمال المقاربة بالكفاءات في جملة من التحديات هي:
- ضرورة الاستجابة لتزايد حجم المعلومات في مختلف المواد العلمية.
- ضرورة تقديم تعلمات ذات دلالة بالنسبة لكل ما يتعلمه التلميذ ويؤدي به إلى التساؤل: لماذا يتعلم مادة معينة وبطريقة محددة؟
- ضرورة إيجاد فعالية داخلية من أجل تعليم ناجح وتكافؤ الفرص للجميع.
-ضرورة الاستجابة لطلب ملح يتمثل في النوعية وحسن الأداء من خلال اختيار مسعى بيداغوجي يضع المتعلم في محور الاهتمام.
-اعتماد بيداغوجية يكون شغلها الشاغل تزويد المتعلم بوسائل التعلم وما يسمح له بأن يتعلم كيف يفعل وكيف يكون.[10]
3-3- مبادئ المقاربة بالكفاءات:
تعتبر التربية عملية تسهل النمو، وتسمح بالتواصل والتكيف والاهتمام بالعمل.
1- تعتبر المدرسة امتداد للمجتمع، ولا يليق الفصل بينهما.
2- تعتبر التربية عنصرا فعالا في اكتساب المعرفة.
3- تعتبر التربية عملية  توافق بين انشغالات التلميذ وتطلعاته لبناء مجتمعه.
4- يعتبر التعلم عنصرا يتضمن حصيلة المعارف و السلوكات والمهارات التي تؤهله لـ:
أ- القدرة على التعرف (المجال المعرفي).
ب- القدرة على التصرف (المجال النفسي حركي).
ج- القدرة على التكيف (المجال الوجداني).
5- يعتبر التلميذ المحرك الأساسي لعملية التعلم وهذا ما يستدعي:

أ- المعارف... فطرية...فطرية موهوبة أو مكتسبة، تأتي عن طريق التعلم.
ب- المهارات........قدرات ناضجة، مقاسها: الدقة، الفعالية والتوازن.
ج- القدرات العقلية.........عقلية، حركية أو نفسية.
6- تعتبر الكفاءة قدرة انجازيه تتسم بالتعقيد عبر صيرورة عملية التعلم، قابلة للقياس والملاحظة عبر مؤشراتها.
7- يعتبر مبدأ التكامل والشمولية كوسيلة لتحقيق الملمح العام للمتعلم.[11]
  كما أن هناك من يرى، إمكانية تحليل نماذج التكوين المتعلقة بالمقاربة بالكفاءات من تحديد المبادئ الآتية:
- تنظيم برامج التكوين انطلاقا من الكفاءات الواجب اكتسابها.
- تغير الكفاءات وفق السياق الذي يطبق فيه.
- وصف الكفاءات بالنتائج والمعايير.
- وصف مشاركة الأوساط المعنية لبرامج التكوين في مسار إعداد هذه البرامج.
- تقسيم الكفاءات انطلاقا من النتائج والمعاير المكونة لها.
- اعتماد التكوين على الجانب التطبيقي خاصة.[12]        
3-4- خصائص المقاربة بالكفاءات:
يعد التعلم المستند إلى مشكلة بديلا للممارسة التقليدية، يقوم على نظريات سلوكية تعتبر التعلم عملية تفاعلية تنطلق من واقع التلميذ ويمكن تلخيص أبرز خصائصها فيما يلي:
1-  توفر سؤال أو مشكلة توجه التعلم، بمعنى أنه عوض أن تنظم الدروس حول مبادئ أكاديمية بحتة ومهارات معينة، فالتعليم بالمشكلة ينظم التعلم حول أسئلة ومشكلات هامة اجتماعيا وذات مغزى شخصي للمتعلمين، كما يتناول موقف حياتية حقيقية أصلية لا ترقى الإجابات البسيطة إلى مستواها ولا تناسبها، وتتوفر لها حلول وبدائل عدة.
2-  العمل التفاعلي، إذ يمارس التعلم بالمشكلات في جو تفاعلي هادف، يختلف عن الأجواء التقليدية التي تستهلك فيها معظم الأوقات في الإصغاء والصمت، والمواقف السلبية التي تحول دون التعلم الفاعل المجدي.

3-  توفير الظروف الكفيلة بضمان استمرارية العمل المنتظم، والسماح بمراقبته والتأكد من مدى تقدمه.
4-  اعتماد أسلوب العمل بأفواج صغيرة، بحيث يجد المتعلم في عمل الفوج (المنجز بالضرورة بصفة فردية) دافعية تضمن اندماجه في المهام المركبة، ويحسن فرص مشاركته في البحث والاستقصاء والحوار لتنمية تفكيره ومهاراته الاجتماعية.
5- إنتاج المنتجات لأن المتعلمين مطالبون فيه بصناعة أشياء وعرضها، كثر الحلول المتوصل إليها وتصويرها، أو تقديم عرض تاريخي. وقد يكون الناتج متنوعا كأن يكون حوارا، تقريرا، نص أدبيا، شريطا مصورا، نموذج مجسما، برنامجا إعلاميا، أو دراسة أكاديمية لظاهرة ما من الظواهر...[13]      
3-5- أسس المقاربة بالكفاءات:
تتمثل أسس المقاربة بالكفاءات فيما يلي:
-  يقع الدخل إلى التعليم عن طريق الكفاءات في سياق الانتقال من منطق التعليم الذي يركز على المادة المعرفية إلى منطق التعلم، الذي يركز على المتعلم ويجعل دوره محوريا في الفعل التربوي.[14]
-  تحتل المعرفة في هذه المقاربة دور الوسيلة التي تضمن تحقيق الأهداف المتوخات من التربية، وهي بذلك تندرج ضمن وسائل متعددة تعالج في إطار شامل، تتكفل الأنشطة، وتبرز التكامل بينها.
-  تسمح المقاربة عن طريق الكفاءات بتجاوز الواقع الحالي المعتمد فيه على الحفظ والسماع، وعلى منهج المواد الدراسية المنفصلة.
-  يتفادى هذا الطرح التجزئة الحالية التي تقع على الفعل التعليمي/ التعلمي المهتم أساسا بنواتج التعلم، لتهتم بمتابعة العمليات العقلية المعقدة التي ترافق الفعل باعتباره كما لا متناهيا من السيرورات المتداخلة والمترابطة والمنسجمة فيها بينها.
-  يمكن اعتماد المقاربة بالكفاءات في التدريس من الاهتمام بالخبرة التربوية لاكتساب عادات جديدة سليمة، وتنمية المهارات المختلفة والميول مع ربط البيئة بمواضيع دراسة التلميذ وحاجاته الضرورية.

-  يؤدي بناء المناهج بهذه الكيفية إلى إعطاء مرونة أكثر، وقابلية أكبر في الانفتاح على كل جديد في المعرفة، وكل ما له علاقة بنمو شخصية المتعلم.
-  تستجيب مقاربة الكفاءات للتغيرات الكبرى الحاصلة في المحيط الاقتصادي والثقافي، كما تتوخى الوصول إلى مواطن ماهر يترك التعلم فيه أثر إيجابيا، يمكنه من مجابهة ومعالجة مشكلات حياتية.[15]
3-6- أهداف المقاربة بالكفاءات:
إن التعلم بالمشكلة لم يصمم لمساعدة المدرس على نقل كم هائل من المعلومات إلى أذهان المتعلمين بقدر ما صمم لتقديم المساعدة للمتعلمين على:
- تنمية تفكيرهم ومهاراتهم الفكرية وقدراتهم على حل مشكلة.
- تعلمهم أدوار الكبار من خلال مواجهة المواقف الحقيقية والمحاكاة.
- تحولهم إلى متعلمين مستقلين استقلالا ذاتيا.
ما أدى يبعضهم على القول عن أهداف التعليم بالمشكلات "أنها تكاد تتلخص في هدف واحد هو التعلم". وهو طبعا هدف يمكن تحليله إلى سلسلة من الأهداف الفرعية المتضمنة، أهمها:[16]
- اكتساب نتائج المتعلمين وتطوير خبراتهم ومهاراتهم بفعل الممارسة.
- تغيير علاقة المتعلمين بالمعرفة بعد تحويل موقفهم السلبي منها إلى موقف إيجابي يحفز طلب المعرفة واكتسابها.
- استيعاب المواد الدراسية والتحكم في سيرورة التعلم.
- تشجيع عمل الفرد مع الجماعة، من ثمة إعداده للحياة المهنية وإدماجه في المجتمع.
وهذا، فضلا عن أن لكل مشكلة أهدافها الخاصة التي ينبغي شرحها وتوضيحها لكافة المتعلمين في كل موقف تعلمي، بما في ذلك المهام التي يفترض نمكنهم من القيام بها بعد حصول التعلم.[17]



3-7- الانتقال من الأهداف إلى الكفاءات:
3-7-1- الأهداف التربوية من الجيل الأول:
أ/ الهدف التربوي:
هو تعبير عن النتائج المنتظرة من جراء فعل تربوي، أو أنه تعبير عما يستطيع المتعلم أن ينجزه لإظهار ما تعلمه، وبمعنى آخر يمكن الهدف التربوي من تنظيم وضعية التعلم، انطلاقا مما يجب أن يفعله المتعلم.
ب/ الأهداف العامة:
تتميز الأهداف العامة بثلاث خصائص هي:
- إنها توجيهية على المدى المتوسط.
- تعنى بعدد من المواد التعليمية.
- لا تنصب على نماذج للتقويم.
أمثلة ذلك:
- توسيع محصول المتعلمين من الألفاظ اللغوية.
- التحكم في المفاهيم الأساسية للمواد العملية.[18]
ج/ الأهداف الخاصة:
هي الأهداف تعنى بالمادة أو الموضوع مثل:
- أن يعتمد مسعى عقلاني لحل مشكل حسابي.
- أن يقرأ خريطة طبوغرافية.
- أن يستخلص نتائج نشاط الإنسان في محيطه.
د/ الأهداف الإجرائية:
هي أهداف ترتبط بالسلوك الذي يؤديه المتعلم في نشاط معين، وتصاغ بعبارات دقيقة واضحة مبينة التغيرات السلوكية المقصودة، وبمعنى آخر، فهي عبارات تحمل أفعالا سلوكية، ويشترط في الأهداف الإجرائية ما يلي:
·  سلوك المتعلم: الذي يتضمن فعلا غير قابل للتأويل، بل يكون قابل للملاحظة والقياس.
·  مبدأ التطبيق: الذي يتعلق بمادة أو مجال أو غيرها.

·  شروط الإنجاز: الإنجاز وفق شروط محدد (الوقت، الأدوات المستعملة ومعايير التقويم أو القياس).
إن بيداغوجية الأهداف، تقوم على مسعى تعليمي يتمثل في سلوك يظهر في تعلم آلي في شكل أهداف ووحدات قصيرة تتصف بما يلي:
- هي أهداف تقوم على تعلم أكاديمي في وحدات قصيرة مجزأة وعلى المدى القريب.
- صعوبة الربط بين الغايات والأهداف التربوية بسبب التفرع الكبير عند اشتقاقها (من غايات ومرامي وأهداف عامة إلى أهداف خاصة وأهداف إجرائية).
- عدم تحديد محتويات التعلم بشكل واضح أحيانا.
- صعوبة التحول والاندماج بسبب تجزئة العملية التعليمية وإعطاء تعلم غير متصل.
- الاهتمام بالجانب المعرفي والحسي على حساب الجانب الوجداني.
- غياب الدافعية لدى المتعلمين مما يؤدي بهم إلى الملل.
- الخلط بين منطق التعلم ومنطق التقويم.[19]
والمشكل المطروح، يكمن في أن نسبة لا بأس بها من التلاميذ يتمكنون من أهداف التكوين الواردة في البرامج التعليمية أو المقررات دون صعوبة، إلا أن هؤلاء التلاميذ يجدون أنفسهم في أغلب الأحيان عاجزين عن تسخير هذه المكتسبات، لحل مشكل ما، مرد ذلك أن المقاربة المعتمدة (مقاربة الأهداف) مقاربة خطية مجزئة لأهداف إجرائية يكتفي المدرس بتحقيقها لذاتها، في حين يجب تجاوزها إلى ما يمكن من توظيف المكتسبات، في وضعيات مشابهة أو وضعيات جديدة خارج الوسط المدرسي.
3-7-2- أهداف الجيل الثاني وتسمى بالكفاءات:
تسمى أهداف الجيل الثاني بالكفاءات، وهي مجموعة قدرات معرفية وحسن حركية ووجدانية منظمة، يسمح تجنيدها بالتعرف على إشكالية أو مشكلة، وحلها من خلال نشاط يظهر مهارات المتعلم.
وقد تم تصور منهجية لضبط ودعم المسار التعلمي وفق المقاربة بالكفاءات، انطلاقا من سلبيات المدرسة السلوكية وما كان في الجيل الأول من الأهداف السلوكية من ثغرات، ويتضح ذلك التصور في العناصر التالية:

- تصور مسار تعليمي طموح واضح المعالم والأغراض على المدى البعيد.
- إيجاد علاقة وطيدة بين ما هو عام وما هو خاص في المسار التعليمي وإدماج الأهداف الإجرائية في مشروع تعليمي ذي دلالة.
- ضمان الانسجام بين الغايات والقيم من خلال معالم ملموسة.
- ضمان العلاقة التواصلية بين المكونين حول مشروع التكوين كأهداف ورهانات.
- عقلنة المسار التعلمي بتأكيد التعاون بين المكونين والمتدخلين لدى الفئات المستهدفة أي المتعلمين.
- توضيح الرؤية بالنسبة لجانب التقويم خاصة منه التقويم التكويني.
وبذلك تقترح المقاربة بالكفاءات، تعلما اندماجيا غير مجزأ، يساعد على إعطاء معنى للمعارف المدرسية المكتسبة بشكل بنائي، واكتساب كفاءات متديمة تضمن للتلميذ التعامل مع الوضعيات المعيشة تعاملا سليما وسديدا.[20]
-8- مقارنة البرنامج القديم بالمنهاج الحالي:
البرنامج القديم
المنهاج الحالي
- مبني على المحتويات.
أي ما هي المضامين اللازمة لمستوى معين، في نشاط معين؟
المحتوى هو المعيار.
- مبني على أهداف معلن عنها في صيغة كفاءات. أي ما هي الكفاءات المراد تحقيقها لدى التلميذ في مستوى معين؟
الكفاءة هي المعيار.
- منطقة التعليم والتلقين.
 أي ما هي كمية المعلومات في المعارف التي يقدمها الأستاذ؟




- منطقة التعلم.
أي ما مدى التعلمات التي يكتسبها المتعلم من خلال الإشكاليات التي يطرحها الأستاذ؟
وما مدى تطبيقها في المواقف التي يواجهها المتعلم في حياته الدراسية واليومية؟
- الأستاذ: يلقن، يأمر وينهي.
- التلميذ: يستقبل المعلومات.
- الأستاذ: يقترح فهو مرشد، موجه ومساعد لتجاوز العقبات.
- المتعلم: محور العملية، يمارس يجرب، يفشل، ينجح   يكسب ويحقق.
- الطريقة البيداغوجية المعتمدة هي:
طريقة التعميم: النمطية أي كل التلاميذ سواسية، وفي قالب واحد.
- اعتبار درجة النضج لدى التلاميذ واحدة.
- اعتماد مسلك تعليمي واحد.
- الطريقة المعتمدة هي:
بيداغوجية الفروقات أي مراعاة الفروقات الفردية والاعتماد عليها أثناء عملية التعلم.
- درجة النضج متباينة لدى المتعلمين.
- تحديد عدة مسالك تعلميه.
- اعتماد التقويم المعياري المرحلي.
فهو تقويم تحصيلي.
- عموما درجة تذكر المعارف.
- لا مكان لتوظيف المعارف.
 
- اعتبار التقويم عنصرا مواكبا لعملية التعلم. فهو تقويم تكويني قصد الضبط والتعديل.
- درجة اكتساب الكفاءة.
- توظيف الكفاءات المكتسبة في مواقف.


الجدول رقم - 01 – يوضح المقارنة بين البرنامج القديم والمناهج الحالية.[21]





[1] المجلة الجزائرية للتربية، المربي، العدد05، مرجع سابق، ص15.

[2] طيب نايت سلمان وآخرون، مرجع سابق، ص29.
[3] وزارة التربية الوطنية، الوثيقة المرافقة لمناهج التربية البدنية والرياضية، السنة الثانية من التعليم المتوسط، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، ديسمبر 2003، ص84.
[4] وزارة التربية الوطنية، مديرية التعليم الأساسي، اللجنة الوطنية للمناهج، الوثيقة المرافقة لمناهج التربية البدنية والرياضية، السنة الثانية من التعليم المتوسط، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، ديسمبر 2003، ص84.

[5] المجلة الجزائرية للتربة، المربي، العدد 05، مرجع سابق، ص06.


[6]  المربي، العدد 05، مرجع سابق، ص06.

[7] المربي، العدد 05، مرجع سابق، ص06.


[8] المربي، العدد 05، مرجع سابق، ص06.
[9] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص27،26.


[10] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص27،26.


[11] وزارة التربية الوطنية، الوثيقة المرافقة لمناهج التربية البدنية والرياضية، السنة الثانية من التعليم المتوسط، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، ديسمبر 2003، ص84.
[12] الكفاءات موعدك التربوي، مرجع سابق، ص19.

[13] مصطفى بن حبيلس، المقاربة بالمشكلات في ضوء العلاقة بالمعرفة، العدد 38، 2004، ص09.
[14] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص28.

[15] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص27،26.
[16] مصطفى بن حبيلس، مرجع سابق، ص08.
[17] مصطفى بن حبيلس، مرجع سابق، ص08.


[18] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص22.


[19] طيب نايت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص22.


[20] طيب نابت سلمان، وآخرون، مرجع سابق، ص22.

[21] وزارة التربية الوطنية، الوثيقة المرافقة لمناهج التربية البدنية والرياضية، السنة الثانية من التعليم المتوسط، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، مارس 2006، ص27.


مقالات ذات صلة

Previous
Next Post »
اظهر تعليقات : جوجل بلس او تعليقات بلوجر
التعليقات
0 التعليقات